الاثنين، 26 أكتوبر 2009

الحــُب فــى زمــن الخنــازيــر ..

• مع الاعتذار لماركيز ورائعته..
كانت ولا زالت تستهوينى دوما تلك النوعية من الأفلام الهوليودية .. عن ذلك الوباء أو هذا المرض الذى ينتشر في الأرض فيفتك بالبشرية .. ولا يتبق منها إلا قلة قليلة ممن نجوا .. وتغلبت عندهم إرادة الحياة والبقاء على الوباء .. اليوم ونحن نمر بوباء آخر قد يتفوق على سابقه في الفتك بالبشرية إلا من رحم ربى.. فلنذهب بالخيال بعيدا ونتجاوز حدود الزمن.. إلى ما قد تؤل إليه العلاقات الإنسانية في زمن الأوبئة.. حيث تنتشر رائحة الموت في كل مكان .. وتُزكم أنوف أناس أسقمها الهم والغم والقلق وثقل الضمير .. فالحياة دوما عكس الأفلام .. لا تغادر فيها القاعة بعد كلمة النهاية .. وتحمد ربك أن هذا مجرد فيلم سوداوي دموي آخر ! ..بل ليس للحياة نهاية إلا بالموت .. ولا تتعدد النهايات أو الاختيارات.. ولكن .. كيف تغدو الحياة في زمن الأوبئة الفتاكة تلك؟ .. في أغلب السيناريوهات الموضوعة من العلماء عن نهاية العالم .. تجد أنه مع اختلاف سيناريو النهاية .. يتفق الناس على شئ واحد .. يتكرر بشدة .. ألا وهو مثالية العلاقات ! فينتشر الود والتراحم بين الناس بشكل لا تصدق وجوده إلا إذا ما رايته بعينيك.. الكتير من التسامح والأعتذارات .. القليل من العداوات والنزاعات .. يغدو الحب هو أساس التعامل بين الناس .. الحب , ذلك الإحساس اللعوب .. الذى قضت عليه الماديات.. فتصبح له الكلمة العليا في تلك الأوقات.. إذ انه من السخافة أن تضيع الباقى من عمرك في عداوات ذات غير معنى .. من السخافة أن تستمر على نفس اخطائك وتعيد تكرارها بحماس منقطع النظير.. من السخافة وأنت على مشارف النهاية أن تكذب , تخون , تُعادى .. وغيرها من نواقص البشر العديدة.. يصبح وقتها التقرب من الله هو مسلك كل الناس.. تمتلئ المساجد بالمصليين , كأن الأيام باتت يوم جمعة طويل .. تٌزاح أطنان الغبار من على القرءان الكريم أو غيره من الكتب المقدسة .. يقضى الناس أوقاتهم في الدعاء والتضرع وتذكر أن هناك رب كريم يملك كل مفاتيح التوبة والرحمة.. يتزوج من يريد أن يتزوج .. فسينتهي حينها الجشع من البشر .. وقد لا تزيد أسعار الشقق وقتها .. عن ملاليم قليلة.. يختفى تعنت الأهل .. وتصبح حبيبتك في متناول يديك بسهولة لا تصدقها أبدا إلى أن تجدها سيدة بيتك و أم أولادك .. هذا لو أتيحت لك فرصه الحياة حتى إنجابهم طبعا !تنخفض الجريمة إلى أقل معدلاتها .. ويتوب الناس أخيرا إلى ربهم .. فمن سيجد البال الرائق للسرقة او الاغتصاب او القتل؟ .. إرتكاب المزيد من السيئات والمعاصى قد يُعد حينها ضرباً من الغباء البشرى.. قد تتواجد بعض الاستثناءت من الذين اعتادوا حياة الهلس.. فرأوا على طريقة – خربانه خربانه – أن التوبة لن تجد نفعاً معهم .. فيستمروا على حالهم وما اختاروه.. ولكن يظل الحب هو العامل الوحيد لاستمرار الحياة على هذا الكوكب .. في البرودة والمرض , في الحزن والفرح .. في السعادة والألم .. تغدو الايه الكريمة " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " .. حينها ذات معنى واضح وعظيم لكل الناس.. لإن تلك هي الفطرة التى خلقها الله علينا .. المودة والرحمة , ولكن نحتاج إلى ماهو أكثر من سماع تلك الايه أو غيرها من آيات القراءن الكريم .. نحتاج إلى الإيمان بها .. بإنه ليس بالضرورة أن تتواجد الخنازير بأمراضها حتى نتغاضى عن الصغائر السخيفة في حياتنا .. نحتاج أن نعرف أن هذا الكون الفسيح قد خُلق لنتكاثر فيه ونعمره .. خُلق لنتأمل في بديع خلق الله .. في حسن تكوين الإنسان .. في روعة وجمال العلاقات الإنسانية إذا ما كان الحب والتراحم هو أساسها وبناءها .. قد لا يحدث هذا السيناريو السوداوي التشاءومى .. وقد يحوى ما يحوى من مبالغة كبيرة.. ولكن بحدوثه أو بعدمه .. نحتاج أن نؤمن ونصدق أن الحب لا يجب أن يتواجد فقط في زمن الخنازير.
* ليست أفضل ماكتبت .. بل قد تكون من أقل ما كتبت .. ولكنها تظل مقالة ذات مذاق مُختلف .. لذا كانت تستحق الإنضمام للأخريات هنا.
* نُشرت في مجلة كلمتنا .. عدد شهر يوليو.

ليست هناك تعليقات: